سقوط غرناطة / آخر معاقل المسلمين في الأندلس


[post_ad]

( سقوط غرناطة / آخر معاقل المسلمين في الأندلس )


أسباب سقوط غرناطة .. 
كانت عوامل انحدار وسقوط وضياع الأمم قد تشابهت إلى حدٍّ كبير في كل فترات الضعف في تاريخ الأندلس ، وهذه العوامل نفسها قد زادت وبشدَّة في فترة غرناطة ولذلك كان السقوط كاملاً وحاسمًا وكان من هذه العوامل ما يلي :


- حب الدنيا والإغراق في الترف .. 
كان الإغراق في الترف ، والركون إلى الدنيا وملذاتها وشهواتها ، والخنوع والدعة والميوعة هي أولى العوامل التي أدَّت إلى تلك النهاية المؤلمة ، وقد ارتبطت كثيراً فترات الهبوط والسقوط بكثرة الأموال والانغماس في الملذات ، والميوعة الشديدة في شباب الأمة ، والانحطاط الكبير في الأهداف قال تعالى : 
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 11- 13] .


وهكذا يا أهل غرناطة ، أين ستذهبون؟ 
وإلى أين ستركضون؟ 
ارجعوا إلى قصر الحمراء ، وارجعوا إلى مساكنكم وما أترفتم فيه ، وسلموا هذه البلاد إلى النصارى ، وتذوقوا الذُلَّ كما لم تعملوا للعزة وللكرامة .


-ترك الجهاد في سبيل الله .. 
وهو أمر ملازم لمن أُغرق في الترف فالجهاد سنة ماضية إلى يوم القيامة ، وقد شرعه الله ليعيش المسلمون في عزَّة ويموتون في عزَّة ، ثم يدخلون بعد ذلك الجنة ويُخلَّدون فيها . 
وإن الناظر إلى عهد الأندلس ليتساءل : 
أين أولئك الذين كانوا يجاهدون في حياتهم مرة أو مرتين كل عام ، وبصفة مستمرة ودائمة؟! 
أين يوسف بن تاشفين ، وأين أبو بكر بن عمر اللمتوني؟ 
وأين الحاجب المنصور؟ 
وأين عبد الرحمن الناصر وغيرهم؟ 
وإنها لعبرة وعظة حين ننظر إلى ملوك غرناطة ، ومَنْ كان على شاكلتهم حين ذُلُّوا وأُهينو لَمَّا تركوا الجهاد في سبيل الله يقول تعالى: 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38- 39] .


وقد يظن البعض أنه يجب على الملتزمين بالمنهج الإسلامي أن يضحوا بأرواحهم ، ويظلوا يعيشون حياة الضنك والتعب والألم في الدنيا وذلك حتى يصلوا إلى الآخرة ، وإن حقيقة الأمر على عكس ذلك تمامًا . 
إذ لو عاش المسلمون الملتزمون بمنهج الإسلام على الجهاد لعاشوا في عزة ومجد ، وفي سلطان ومُلك من الدنيا عريض ، ثم لهم في الآخرة الجنة خالدين فيها بإذن الله .


-الإسراف في المعاصي .. 
يتبع العاملَيْن السابقين عامل الإسراف في المعاصي ، فجيش المسلمين لا يُنصَر بالقوة ولا بالعدد والسلاح ، لكنه يُنصر بالتقوى . 
فإذا بعُد المسلمون عن دين ربهم ، وإذا هجروا نهج رسولهم كُتب عليهم الهلكة والذلّة والصغار ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
«إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ». 
وإذا كان هذا حال محقّرات الذنوب ، تلك التي يستحقرها العبد من فرط هوانها ، فلا تزال تجتمع عليه حتى تهلكه ، فما البال وما الخطب بكبائر الذنوب من ترك الصلاة ، والزنا ، والتعامل بالربا ، وشرب الخمور ، والسب واللعن ، وأكل المال الحرام ، فأي نصر يُرجى ويُتَوقّع بعد هذا؟! ..


كانت هذه هي أهم عوامل السقوط في دولة الأندلس . 
وهناك غيرها الكثير مثل: - 
-الفرقة والتشرذم 
- موالاة النصارى واليهود والمشركين وقد قال تعالى: 
{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] . 
وقال سبحانه : 
{لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10] . 
وقال سبحانه : 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] . 
وآيات غيرها كثير توسيد الأمر لغير أهله وكان ذلك واضحاً جداً خاصة في ولاية هشام بن الحكم ، وولاية الناصر بعد أبيه يعقوب المنصور الموحدي ، وأيضًا ولاية جميع أبناء الأحمر في ولاية غرناطة . 
وقد وضح جيداً قيمة العلم والعلماء في زمن عبد الله بن ياسين ، وزمن الحَكم بن عبد الرحمن الناصر ، وما حدث في عهدهما من قوَّة بعد هذا العلم ، ووضح -أيضًا- أثر الجهل في نهاية عهد المرابطين، وفي عهد دولة الموحدين، حيث انتشر الجهل بين الناس، وسادت بينهم آراء ومعتقدات غريبة وعجيبة، كان من ذلك -أيضًا- ما حدث من الجهل بأمر الشورى، وهو أصل من الأصول التي يجب أن يحكم بها المسلمون، وكيف اعتدُّوا بآرائهم، وكيف قبل الناس ذلك منهم؟! . 
ومثل ما كان من غزو محمد بن الأحمر الأول لإشبيلية، وقد تبعه الناس في ذلك؛ ظنًا منهم أنهم على صواب، وأنهم أصحاب رسالة وفضيلة، وأيُّ جهل بالدين أكثر من هذا؟!


منقول عن موقع : قصة الإسلام
تابعونا في منشورات #سقوط_غرناطة اليوم 
اذا اتممت القراءة فضلا اكتب تم

تعليقات

الأرشيف

نموذج الاتصال

إرسال